يُختتم عام ٢٠٢٣ بسلسلة فعاليات احتفالًا بالذكرى الخمسين لتأسيس العلاقات الدبلوماسية بين فيتنام وفرنسا (١٢ أبريل ١٩٧٣ - ١٢ أبريل ٢٠٢٣). على مدار نصف القرن الماضي، تجاوزت علاقات الصداقة والتعاون بين البلدين العديد من التحديات والتقلبات التاريخية، لتتطور وتتعزز.
العلاقات تُبنى على الصدق.
أقامت فيتنام وفرنسا علاقات دبلوماسية على مستوى السفراء في 12 أبريل 1973. ومنذ أواخر الثمانينيات، كانت فرنسا رائدة في فتح العلاقات وإلغاء الديون، مما ساعد فيتنام على تسوية الديون مع الدول الدائنة الأعضاء في نادي باريس.
بعد عشرين عامًا من إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، زار الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران فيتنام في مارس 1993. ووفقًا للسفير الفرنسي لدى فيتنام، نيكولا وارنيري، كانت هذه أول زيارة لزعيم غربي إلى فيتنام بعد دوي موي. في ذلك الوقت، ضمّ الوفد الذي ترأسه الرئيس الفرنسي العديد من المسؤولين ورجال الأعمال الفرنسيين. ومنذ ذلك الحين، أقام البلدان علاقات شاملة في مجالات الاقتصاد والبحث والتعليم والصحة وغيرها.
في عام ٢٠٠٤، قام الرئيس الفرنسي جاك شيراك بزيارة دولة إلى فيتنام. وصرح السفير نيكولا وارنيري قائلاً: "أكد الرئيس جاك شيراك، في كلمته بالسفارة، أن العلاقة بين فيتنام وفرنسا علاقة "متميزة وقوية" وقائمة على الصدق والإخلاص".
ثم، في سبتمبر/أيلول 2013، وقّع البلدان بيانًا مشتركًا بشأن الشراكة الاستراتيجية بين فيتنام وفرنسا خلال زيارة رئيس الوزراء نجوين تان دونغ إلى فرنسا. وقد شكّل هذا الحدث البارز زخمًا للعلاقات الثنائية لتصبح أكثر عمقًا وعمقًا وفعالية.
منذ ذلك الحين، تطورت العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ. ويتبادل البلدان بانتظام زيارات رفيعة المستوى، أبرزها زيارة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى فيتنام (2016)؛ ورئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب (نوفمبر 2018)؛ ورئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه (ديسمبر 2022)؛ وزيارات الأمين العام نجوين فو ترونغ إلى فرنسا (مارس 2018)؛ ورئيسة الجمعية الوطنية نجوين تي كيم نجان (أبريل 2019).
علاوةً على ذلك، يتبادل كبار قادة البلدين الرسائل ويجرون محادثات هاتفية بانتظام. ومؤخرًا، أجرى الأمين العام نجوين فو ترونغ مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 20 أكتوبر/تشرين الأول.
ومن ناحية أخرى، تحافظ الدولتان أيضًا على العديد من آليات التبادل المنتظمة في السياسة والاقتصاد والدفاع على جميع المستويات، ولا سيما الحوار الاستراتيجي الأمني والدفاعي 2 + 2 بين وزارتي الخارجية والدفاع في فيتنام وفرنسا؛ والحوار الاقتصادي السنوي رفيع المستوى الذي يرأسه بشكل مشترك وزير التخطيط والاستثمار في فيتنام ووزير التجارة الخارجية الفرنسي (عقد الاجتماع السابع في هانوي في يناير 2022)؛ والحوار الاستراتيجي الدفاعي على مستوى نائب الوزير بين وزارتي الدفاع (عقد الاجتماع الأول في باريس في يوليو 2019).
فيما يتعلق بالتعاون في إطار الاتحاد البرلماني الفرانكوفوني (APF)، تُعدّ الجمعية الوطنية الفيتنامية عضوًا فاعلًا، وتشغل حاليًا منصب رئيس منطقة آسيا والمحيط الهادئ في الاتحاد (بما في ذلك كمبوديا ولاوس وفيتنام وعدد من الدول الجزرية في جنوب المحيط الهادئ). ويشهد التعاون بين الهيئات التشريعية في البلدين تطورًا إيجابيًا متزايدًا من خلال التبادلات المنتظمة، والاتصالات رفيعة المستوى، وتبادل الخبرات بين هيئات الجمعية الوطنية والمجموعات البرلمانية الصديقة، لتعزيز الثقة وتعزيز العلاقات الشاملة في جميع المجالات.
أبرز نقاط التعاون الاقتصادي
على الرغم من التطور الجيد للعلاقات السياسية بين فيتنام وفرنسا، يُمكن القول إن الاقتصاد هو نقطة التقاء هذه العلاقات. وصرح السفير نيكولاس وارنيري قائلاً: "يُعدّ الاقتصاد أحد أهم مجالات التعاون الثنائي بين فرنسا وفيتنام، ويتجلى ذلك من خلال التبادلات التجارية بين الجانبين، والاستثمارات، بالإضافة إلى قيام الشركات الفرنسية ببناء مصانعها وتشغيلها في فيتنام، بما يتوافق مع القوانين الفيتنامية".
السفير الفيتنامي لدى فرنسا دينه توان ثانغ يزور مدينة سانتس ويعمل فيها. الصورة: ثو ها - وكالة الأنباء الفيتنامية
تُعدّ فرنسا حاليًا خامس أكبر شريك تجاري أوروبي لفيتنام. وقد تضاعف حجم التجارة الثنائية بين البلدين بأكثر من ثلاثة أضعاف، من حوالي 1.6 مليار دولار أمريكي عام 2009 إلى 5.3 مليار دولار أمريكي عام 2019.
وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، وبسبب تأثير جائحة كوفيد-19، انخفض حجم التجارة بين البلدين بشكل طفيف من 4.81 مليار دولار أمريكي في عام 2020 إلى 4.8 مليار دولار أمريكي في عام 2021، قبل أن يرتفع مرة أخرى إلى 5.33 مليار دولار أمريكي في عام 2022.
في الوقت الحاضر، تصدر فيتنام إلى فرنسا بشكل رئيسي الأحذية والمنسوجات ومنتجات السيراميك والطوافات والخيزران والمأكولات البحرية والآلات والمعدات والمكونات الإلكترونية، في حين تصدر فرنسا إلى فيتنام بشكل رئيسي معدات الطيران والآلات الصناعية والأدوية والمنتجات الزراعية والغذائية والمواد الكيميائية ومستحضرات التجميل.
من حيث الاستثمار، اعتبارًا من مارس 2023، تُعدّ فرنسا ثاني أكبر دولة في الاتحاد الأوروبي، والسادسة عشرة من بين 143 دولة ومنطقة تستثمر في فيتنام، بـ 673 مشروعًا، برأس مال إجمالي يبلغ 3.8 مليار دولار أمريكي. يُركّز المستثمرون الفرنسيون بشكل رئيسي على صناعات التجهيز والتصنيع، وإنتاج وتوزيع الكهرباء، والخدمات، وتجارة الجملة والتجزئة، والعقارات... من جهة أخرى، اعتبارًا من مارس 2022، استثمرت فيتنام في 18 مشروعًا في فرنسا برأس مال إجمالي يزيد عن 38 مليون دولار أمريكي.
فيما يتعلق بالتعاون الإنمائي، تُعدّ فرنسا المانح الأوروبي الثنائي الرائد لرؤوس أموال المساعدة الإنمائية الرسمية لفيتنام، وتحتل فيتنام المرتبة الثانية بين الدول المتلقية للمساعدات الإنمائية الرسمية الفرنسية في آسيا، برأس مال إجمالي مُلتزم به يصل إلى 18.4 مليار دولار أمريكي (منذ عام 1993). تدعم فرنسا قروضًا للمساعدات الإنمائية الرسمية لا تقل عن 200 مليون يورو (حوالي 231 مليون دولار أمريكي) سنويًا لفيتنام، مع التركيز على ثلاثة مجالات: تغير المناخ، والتحول في مجال الطاقة، والنمو الأخضر. كما تُعدّ فيتنام من الدول القليلة التي تستفيد من جميع قنوات المساعدة المالية الفرنسية الثلاث: المساعدة الإنمائية الرسمية من الخزانة، والقروض التفضيلية من الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)، وصندوق التضامن ذي الأولوية (FSP).
بالإضافة إلى السياسة والاقتصاد، يتعاون البلدان أيضًا بشكل نشط في مجالات التعليم والتدريب والصحة.
ماي هونغ
تعليق (0)