كان أبي صارمًا للغاية، علّمنا كيف نأكل، وكيف نفكّر، وكيف ندير الأمور، وخاصةً كيف نتحمل المسؤولية. نادرًا ما كان يضربنا، لكن في كل مرة نرتكب فيها خطأً فادحًا، كان يجلدنا بعصا من الخيزران، فنتذكر ذلك طوال حياتنا. لا يزال ألم الجلد محفورًا فينا لأيام. في ذلك الوقت، كان أبي مصدر إزعاج لنا، وكنا جميعًا نتذمر، ولكن مع مرور السنين، عندما كنا نتمنى لو كان أبي قادرًا على حمل عصا من الخيزران وجلد أردافنا، أصبح ذلك ترفًا. في السنوات الأخيرة من حياته، كان أبي مريضًا مرضًا خطيرًا، وكانت أخواته يدخلن ويخرجن لرعايته ليلًا نهارًا. كان أخي الأصغر ينظر إلى عصا الخيزران، بلون الزمن الذي لا يزال معلقًا على زاوية الجدار، ويحمرّ وجهه قائلًا: "ليت أبي يستطيع حمل العصا ويتركنا نتعرض للضرب مرة أخرى". لكن كل ما تبقى هو "ليت"...
أتذكر أمسيات الصيف الحارة عندما كان أطفال الحي يدعوني للتسلل خارجًا للعب الحجلة أو الريشة أو تسلق الأشجار لسرقة الجوافة من الجيران. في كثير من الأحيان، بينما كنا نتجادل، كنا نسمع صوت والدنا يعزف على الناي من بين أغصان الأشجار، عذبًا وهادئًا لدرجة أنه كان يُوجع قلوبنا. كنا جميعًا ننسى في غفلة أننا نتسلل للعزف، فنعود راكضين، عيوننا مثبتة على ثقب الجدار لنستمع إلى ذلك الصوت العذب الشجي. وفي لمح البصر، كبرنا جميعًا. جرفنا الزمن، كالريح، دون قصد، بعيدًا عن سقف القش القديم. الآن، لكلٍّ منا عائلاته، التي تُكافح لكسب قوت يومها. أما والدنا، فقد عاد إلى السحاب في يوم ماطر.
أحيانًا، أشعر بالصدمة لأنني لم أعد أستطيع تذكر وجه والدي أو يديه أو هيئته بوضوح... لأنه خلال تلك السنوات الصعبة، كان امتلاك صورة عائلية أمرًا ترفًا. لذلك، عندما أفتقد والدي، لا يسعني إلا البحث عن الأماكن التي اعتاد أن يرتبط بها. ولكن يبدو أن كل شيء قد غطى بطبقة من الغبار بمرور الوقت. تتغير النجوم، وتمر السنوات، ويعود الحب الذي يشبه شعاعًا رقيقًا من ضوء الشمس في منتصف يوم ممطر. ها هي شجرة المشمش القديمة التي اعتاد والدي في كل ربيع أن يدعو أخواته لقطف أوراقها، وهنا شجرة فاكهة الحليب التي ربما تبدو في مثل عمري ولكنها لا تزال تتمتع بأغصان وأوراق مورقة، وهنا أشجار الموز (ربما عبر أجيال عديدة من الأبناء والأحفاد) التي تخضر في منتصف يوم ممطر غزير... الفناء الأمامي والزقاق الخلفي مغطى بالطحالب، لكن شكل الشخص ليس سوى ذكرى. أتذكر الأيام الخوالي عندما كان الناس يهتمون بالحديقة الخضراء، كانت الحديقة مليئة بالخضراوات والفواكه. قرع، قرع، وليف تتدلى منه ثمار، جريب فروت يتدلى من الأغصان، برك سبانخ خضراء... كل صباح، بعصا كتف وسلتين صغيرتين، كان والدي يحملني على جانب، والخضراوات والفواكه على الجانب الآخر إلى السوق لبيعها. كان محظوظًا جدًا بالسوق، فقبل أن يُنهي جولته، كانت جميع المنتجات المحلية قد نفدت. بدت تلك الذكرى تافهة، لكنها شيءٌ أحمله معي إلى الأبد.
تجولت في السوق. صوت بائعي الخضار والأسماك ينادون بعضهم البعض. كان سوق ما بعد الظهر لا يزال يعج بالمشترين والبائعين، ولكن لماذا شعرت بالضياع والغربة؟ بدا الأمر كما لو كان هناك صوت حزين يمر. هل كنت أبحث عن شيء ما أم أردت فقط شراء بعض العملات المعدنية للتذكر ... على أمل التمسك بصورة صغيرة لوالدي من سنوات مضت. الفقد يشبه لعبة الغميضة. عندما نحاول العثور عليه، يختفي مثل حلم في نام خا. وأنا أفهم أن الذكريات مثل اللصوص، والوقت سيأخذ كل شيء بعيدًا. ومع ذلك، هناك أشخاص يرحلون إلى الأبد لكن صورهم ستظل موجودة في قلوبنا. في يوم من الأيام، ندرك فجأة أننا لم نعد نستطيع تذكر صوتهم، عيونهم، صوتهم ... لكن المشاعر الغامضة والمؤلمة في أعماق قلوبنا لا تزال موجودة، لا تتلاشى أبدًا.
أبي! أنا عجوز. تحت المطر عصر هذا اليوم، افتقدتك وبكيت بكاءً مؤلمًا كطفل. أعلم أنه حتى بعد سنوات طويلة، وإن لم تعد ذكرياتي عنك واضحة، ستبقى معي دائمًا، لأني أجمل ما فيك، وسأدخر كل قرش لأتذكر صورتك للأبد.
مرحبا بالحب، الموسم الرابع، تحت عنوان "الأب" تم إطلاقه رسميًا في 27 ديسمبر 2024 على أربعة أنواع من الصحافة والبنية التحتية الرقمية للإذاعة والتلفزيون وصحيفة Binh Phuoc (BPTV)، واعدًا بإيصال القيم الرائعة للحب الأبوي المقدس والنبيل إلى الجمهور. |
المصدر: https://baobinhphuoc.com.vn/news/19/174501/mua-vai-xu-nho
تعليق (0)