في إحدى السنوات، عاد صديقٌ عاش في أستراليا لسنواتٍ طويلة إلى فيتنام. زارني في منزلي وتمنى لي عامًا جديدًا سعيدًا في أول أيامه، ونظر إلى أصيصٍ غنّاءٍ من الأوراق الأرجوانية وضعته بحبٍّ على الشرفة، مع شجيرات الباندان الخضراء اليانعة.
رغم أنني أعيش في المدينة، إلا أنني ما زلت أتمسك بالطرق القديمة، وأحاول زراعة الأشياء المألوفة. ستندهشون عندما تعلمون أن مربى جوز الهند الأخضر والبنفسجي الرائع الذي أعرضه على الطاولة لأقدمه لكم مُتبّل ومُطهو بعصير نبتتين محليتين مألوفتين.
كان الشخصان "المتعطشان للذاكرة" يلتقطان ببطء كل خصلة من مربى جوز الهند ذات النكهات "المحلية": أوراق الباندان، والأوراق الأرجوانية، والحليب المكثف، والقهوة... تمامًا مثل مربى تيت في الثمانينيات والتسعينيات.
في عيد رأس السنة، طلبتُ مني أن أُحاول لفّ خيوط مربى جوز الهند على شكل ورود، ووضعها في علبة مربى كما في الأيام الخوالي، لتتمكن من إحضارها إلى أستراليا لإهدائها لأقاربك. أقاربك كبار في السن بعيدون عن الوطن. يلتقطون خيوط مربى جوز الهند، ليستذكروا نكهة تيت من أرض بعيدة.
أبشر جوز الهند إلى خيوط. من خيوط جوز الهند، تتدحرج وردة فخمة، أجمل من أي مربى على صينية مربى تيت.
كيف تجعل خيوط جوز الهند "تبتلع" لفترة طويلة في قدر مليء بالماء والسكر دون أن تنكسر؟ يكمن السر في اختيار جوز الهند الصغير المناسب. جوز الهند ليس قديمًا جدًا، ولا صغيرًا جدًا، بل يكون لبه سميكًا بما يكفي ليتم تقطيعه دون أن يصبح طريًا مثل جوز الهند الصغير، أو مقرمشًا مثل جوز الهند الجاف.
سرٌّ آخر يكمن في كمية السكر. جوز الهند الذي يحتوي على كمية كافية من السكر لا يتكسر عند طهيه، لكن كثرة السكر تجعل خيوط جوز الهند صلبة وهشة وسهلة الكسر عند التقليب. وصفة والدتي التقليدية لصنع مربى جوز الهند، حاولتُ تطبيقها خلال مواسم تيت العديدة لإنتاج كميات من مربى جوز الهند كما أرغب، لكنها ليست سهلة!
كلما وقفتُ في المطبخ أصنع المربى، فاضت عيناي بالدموع وأنا أتذكر حديقتي المنزلية القديمة. حديقة بكل معنى الكلمة: اثنتي عشرة شجرة جوز هند، واثنتي عشرة شجرة مانجو، وبضعة صفوف من الموز، وبضعة شجيرات ليمون، وبضعة كتل من الآذريون، وبضعة أشجار عنب الثعلب النجمي...
في كل مرة يحل فيها رأس السنة، تمتلئ الحديقة برائحة أوراق الموز التي قشرها والدي وجففها حتى تجف تمامًا لتتمكن أمي من لفّها ببان تيت. تسلق والدي شجرة جوز الهند، ونقر على قشورها ليرى أي العناقيد قد نضجت (بان تيت)، ثم أنزلها لأمي لتصنع منها المربى.
في ذلك الوقت، كنتُ واقفًا على الأرض، أشير بيدي وأطلب من والدي أن يقطف لي جوز هند ناضجًا - ولاحقًا اكتشفتُ سبب ضحك والدي الشديد: "جوز هند جاف يا بني. لا أحد ينادي بجوز هند ناضج." كان والدي يعلم أنني لا أحب سوى لب جوز الهند الجاف، رغم أن رائحته... كالصابون!
الآن وقد رحل والدي وتجاوزت والدتي السبعين، لا يحب أطفال العائلة سوى مربى جوز الهند الطازج. لكنني ما زلت أصنع جوز الهند المبشور، كطريقةٍ لأستعيد ذكريات عيد رأس السنة الميلادي، ذاك البعيد، لأشعر بالشوق والحنين.
ستُقدّم خيوط مربى جوز الهند الجميلة هذه لأسلافنا وللسماء والأرض في ليلة رأس السنة. سيبقى طعم جوز الهند الغني، ورائحة أوراق الباندان الزكية، ولون أوراقها الأرجواني الداكن في ذاكرتنا طويلًا.
[إعلان 2]
المصدر: https://baoquangnam.vn/mut-dua-soi-tet-xua-thuong-nho-3147838.html
تعليق (0)