
لا تُولي الصناعات اليدوية هنا اهتمامًا كبيرًا للجوانب الاقتصادية ، بل تُصنع بتروٍّ، لا تتبع اتجاهات السوق، بل تُوظّف كل المشاعر والإبداع في كل تفصيلة. هذا الإخلاص والمثابرة هما ما جعلا هذه المساحة الثقافية وجهةً للتأمل في الثقافة والناس والأرض. مكانٌ يُتيح لكل زائر الانغماس في مساحةٍ تُعيد ذكريات الريف، ويشمّ رائحة الخشب المتعفّن، ويسمع صوت النحت النابض بالحياة.
رحلة الولادة الجديدة...
الشخص الذي ساهم في إضفاء حياة جديدة على هذا المصدر من النفايات الطبيعية هو الحرفي لي نغوك ثوان (45 عامًا)، وهو طاهٍ كان مشهورًا ذات يوم بسلسلة مطاعم في هوي آن، والذي اتجه الآن إلى فن النجارة لمتابعة حلم مختلف...
بدأت القصة عام ٢٠١٢، عندما جرفت مياه الفيضانات جذوعًا جافة إلى شاطئ آن بانغ. حينها، قرر السيد ثوان، الذي كان يدير نُزُلًا عائليًا قريبًا، إعادة الجذوع لنحتها وتزيينها وتجميل منزله. وعلى غير المتوقع، أُعجب الضيوف الأجانب بشكل خاص بالأعمال المصنوعة من الخشب المتعفن.
يخوض السيد ثوان نهر ثو بون كل موسم ممطر، حيث تمتلئ ضفافه الطميية غالبًا بالحطب والخشب. ويشاركنا السيد ثوان فرحته باكتشاف القيمة الفنية الكامنة في الخشب المتعفن: "هناك جذوع خشب مكشوفة في وسط النهر لشهور، بيضاء ومتشققة، يُعتقد أنها غير صالحة للاستخدام، ولكن عند لمسها بسكين، يتبين جمالها الأخّاذ".
بصفته حرفيًا، تعلم السيد ثوان النجارة بنفسه من خلال الكتب والإنترنت ومن الحرفيين في قرية كيم بونغ للنجارة. قال إن لكل قطعة خشب شكلها الخاص، وكل ما تحتاجه هو "تسمية" وإيقاظها بالعينين واليدين والمشاعر. ومن هذا الإلهام، بدأ يراقب ويحفر بدقة متناهية ليصنع تمائم شعبية، وتماثيل خشبية مستوحاة من ثقافة شعب كو تو، أو أشكال حيوانات أنهار وجداول المنطقة الوسطى.
جميعها محفوظة بلون خشبها الخام الأصلي، غير مطلية، ومُزيتة طبيعيًا فقط لحماية السطح والحفاظ على رونقه بمرور الزمن. يقول السيد ثوان: "عندما ألمس رونقه، أشعر وكأنني أستطيع رؤية رحلته كاملةً عبر مواسم الفيضانات العديدة. ربما عليك أن تُكرّس روحك في كل قطعة خشب لتشعر بالشكل الذي تُريد أن تُعبّر عنه. بعض قطع الخشب تُؤثر بي، وبعضها يُضحكني".
تجديد المساحة القديمة
في البداية، اقتصر عرض السيد ثوان على منتجات الحطب في منزله، وكان يوزعها على أقاربه. لكن تدريجيًا، ومع إقبال الكثيرين على شرائها، بدأ يخطو خطوةً جادةً نحو مشروعه. في عام ٢٠٢٢، افتتح ورشة نجارة صغيرة، وحوّل مطعميه إلى مساحتين لعرض المنتجات، يربطان الحرفيين بالسياح. ومن هنا، وُلدت "قرية فلود وود"، لتصبح مساحةً فنيةً في قلب الحقول، ورشة عمل ومكانًا للقاء محبي جمال التجديد.
في الآونة الأخيرة، أصبحت مساحة القرية أكثر حداثة، وأصبحت المنتجات أقرب إلى احتياجات العملاء. ومن الجدير بالذكر أن هناك منتجات تُحاكي الكائنات البحرية أو الاستوائية، مثل السلاحف والقواقع والأسماك والأخطبوطات والتماسيح، وغيرها. بمساحة تبلغ حوالي 2000 متر مربع، توفر القرية فرص عمل لحوالي 20 عاملاً، معظمهم من الحرفيين من قرية كيم بونغ، ممن يعملون في النجارة التقليدية منذ سنوات عديدة.
لا تقتصر "قرية لو للحطب" على بيع المنتجات فحسب، بل تُنظّم أيضًا العديد من ورش العمل للزوار، لا سيما للأجانب وطلاب المدارس المحلية. هنا، يُمكن للزوار تجربة عملية معالجة الأخشاب، وتشكيلها البسيط، ورسمها، والاستماع إلى قصص رحلة كل قطعة حطب. تُساعد هذه العملية المنتج على أن يصبح ليس مجرد شيء مادي، بل ذكرى روحية أيضًا. بفضل هذه المساحة الريفية الفريدة، يستقبل هذا المكان آلاف الزوار سنويًا.
أعربت السيدة تران ثي نغوك ديب، وهي سائحة من مدينة هوي ، عن إعجابها الشديد بمساحة عرض منتجات الحياة البحرية بفضل ألوانها الزاهية وأشكالها النابضة بالحياة. صُنعت جميع الحيوانات من قطع خشبية ذات أشكال طبيعية، ولم تُنحت كثيرًا، بل بخطوط قليلة فقط، وطُلِيت بألوان زاهية لإكمالها. وأضافت السيدة ديب بسعادة: "لم أكن أتخيل أن الخشب المتعفن وجذور الأشجار يمكن تحويلها إلى أعمال فنية نابضة بالحياة وعميقة المشاعر بهذه الدرجة".
المصدر: https://baodanang.vn/mot-lan-nhat-cui-ca-doi-say-me-3299593.html
تعليق (0)