أمالت أمي الملعقة بهدوء لتملأها بكل شريحة من البطاطس.
عائلة من أربعة أو خمسة أفراد، مع طبق أرز واحد فقط، بدون بطاطس، كيف يُمكنهم الحصول على ما يكفيهم من الطعام؟ بعد سنوات طويلة، افتقدته، وندمت عليه، ثم قالت لنفسها: كان ذلك بسبب مرضها وتدليل جدتها لها. لكن شقيقها الصغير، الذي احترق شعره بفعل الشمس، كان في الخامسة من عمره، لا يزال جالسًا هناك بشغف يمضغ، ينظر إليها بنظرة دهشة.
الرسم التوضيحي: داو توان |
أتذكر رائحة أشعة الشمس على التلال. البرك الخضراء المختبئة تحت حقول الأرز الصغيرة تفوح منها رائحة الحليب. رائحة أشعة الشمس في القش المقطوع حديثًا، في القش الذي تعفن حتى أواخر الخريف. لكن رائحة أشعة الشمس في وعاء البطاطا الحلوة المجففة لا تزال تخيفني. لا أجرؤ على النظر إلى الوراء لأنه في كل مرة كنت أغادر فيها القرية لألحق بقطار السوق الذي يصفر، كانت عيناي تمتلئان بالدموع. لا أجرؤ على النظر إلى الوراء عندما جعلت رياح الشمال التي تهب في الوادي العشب ينحني ويتقلص ويتجمد. جالسًا بجانب نافذة القطار، وأعباء التعبئة متراكمة، وصوت السعال، ورائحة دخان السجائر، وصوت عمال الغابات وهم يشتمون برائحة الكحول القوية، وصوت بكاء الأطفال، ما زلت لا أستطيع التخلص من فكرة أن الطقس هناك في الحقول الشمالية العاصفة شديد البرودة. أقدام أمي المتشققة غارقة في طين عميق. لا أجرؤ على النظر إلى الوراء لأن الصراخ عالق في حلقي. من يدري متى ستصبح القرية في هذا الوادي المنخفض مليئة وسعيدة مثل الريف الهادئ في القصائد التي قرأتها...
اليوم، ضحكتُ كثيرًا مع رفيقي عندما رأينا خط السكة الحديد يمرّ فوق التل. كانت حقول الأرز الخضراء الصغيرة تُبهج العيون، وضفافها مليئة بأزهار الفراشات الصفراء والبيضاء، وفجأةً ظهرت لوحة خشبية عليها سهمان يُشيران إلى المحطة.
انا ذاهب الى المنزل!
يقع منزلي على الجانب الآخر من التل. التل الذي كان يعلو الأشجار، أصبح الآن واحة صغيرة متضخمة.
يرتفع التل فوق الأفق مع صفوف وصفوف من أشجار الكاجوبوت الخضراء، ثم ينسكب لونه الأخضر على حقول الأرز الصغيرة المتعرجة.
وسط الخضرة، منازل واسعة وواسعة بأبواب خشبية وجدران مصبوبة وأسقف قرميدية حمراء وزرقاء. وتؤدي طرق إسفلتية واسعة إلى القرية، وطرق خرسانية إلى كل زقاق. فوجئنا برؤية محطة وقود ضخمة. محطة وقود لقرية! يا لها من ملاءمة مثالية لأعمال الناس ونشاطاتهم اليومية.
على المنحدر المؤدي إلى المحطة والسوق، هناك العديد من المنازل المبنية على طراز فيلات الحدائق، مع أسوار مليئة بالزهور المتسلقة، وعلى جانب الطريق، تتأرجح الزهور الأرجوانية وتظهر ألوانها.
لم أجد أي أثر للأطفال الحفاة الذين كانوا يرعون الجاموس على الطريق الموحل. لم أعد أتذكر أين كانت حقول العشب التي هبت بها الرياح نحو القطار المتدحرج. روضة الأطفال، ساحة التجفيف، محل البقالة، العيادة، مكتب اللجنة... امتلأت المباني الجديدة ومحت الذكريات الحزينة لأيام رحيلي عن مسقط رأسي إلى المدينة.
ارتديتُ ثوبًا حريريًا من نوع "أو داي" مع أخواتي لحضور حفل افتتاح كنيسة العائلة. رفرفت أزهار "أو داي" الملونة تحت ضوء الشمس. كان الطريق إلى الكنيسة يمر فوق جسر صغير بين ضفتين من أزهار الأقحوان المتمايلة. ضحكتُ كثيرًا حتى انهمرت دموعي فجأة. عندما لم أستطع رؤية حقل البطاطس الصغير، تذكرتُ فجأة رائحة ضوء الشمس في وعاء الأرز الممزوج بالبطاطس المجففة...
سقط قمر الخريف اللطيف على أرضية الطوب. جلستُ أنا وأختي في المطبخ الواسع المزود بشاشة تلفزيون وطاولة طعام خشبية عليها أطباق متنوعة. لحم خنزير ودجاج مُربّيان منزليًا، وخضراوات صغيرة، وحساء سمك اصطدناه للتو من البحيرة. كانت أختي طباخة ماهرة. كان كل طبق شهيًا برائحة الريف العطرة. وضعتُ عيداني على صينية من الخيزران مغطاة بأوراق الموز. كانت البطاطس مشوية وساخنة جدًا.
- هل مازلت تخاف من رائحة البطاطس المجففة؟
أخذتُ قضمات صغيرة. حُمّصت البطاطا الحلوة على الفحم حتى أصبح لونها ذهبيًا، بنكهة جوزية حلوة.
- أحب البطاطس المشوية، وخاصةً البطاطس الأجنبية المشوية على فحم التوت الأسود. لكنني ما زلت أخشى البطاطس المجففة الممزوجة بالأرز.
امتلأت عينا أمي بالدموع عندما ذكرت جدتها. كنا كأطفال عائدين إلى المنزل بحطب يابس وأوراق صغيرة، على وقع أنغام المزامير ليلاً ودقات الأرز ظهراً.
خرجتُ إلى الفناء. كانت البئر مُركّبة بمضخة، والدلو القديم لا يزال مُعلّقًا على غصن بوميلو. ذهبت الدجاجات طوعًا إلى القن منذ الغسق، أرجلها مُلتفة، وعيونها نصف مُغمضة ونصف مفتوحة...
لقد ذهبنا بعيدًا جدًا، ولا نرغب إلا في العودة. تتلاشى أحلام الآفاق الواسعة وأحاديث الحياة اليومية المتعجلة فجأةً عندما يتناثر ضوء القمر الفضي، وتملأ رائحة حديقة الطفولة العيون. ما أسعد من يملك مكانًا يعود إليه!
المصدر: https://baothainguyen.vn/van-nghe-thai-nguyen/202508/mui-que-adb370c/
تعليق (0)