وتشتمل المدينة على أطول برج في أفريقيا وأكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط، وهي واحدة من سلسلة من المشاريع الضخمة التي نفذها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لتطوير اقتصاد البلاد.
مصر تبني مدينة جديدة. صورة: سي إن إن
بدأ بناء "العاصمة الإدارية الجديدة" عام ٢٠١٦، ويجري إنجازه على مراحل. ووفقًا لخالد عباس، رئيس هيئة العاصمة للتطوير العمراني، المشرفة على المشروع، فإن المرحلة الأولى شارفت على الانتهاء، ومن المتوقع أن تبدأ المرحلة الثانية في الربع الأخير من هذا العام.
بدأت الحياة تتبلور في المدينة الجديدة، ببطء ولكن بثبات. فقد انتقلت إليها أكثر من 1500 عائلة، ويتوقع عباس أن يرتفع هذا العدد إلى 10 آلاف بحلول نهاية عام 2024.
قال السيد عباس أيضًا إنه مع انتقال الوزارات الحكومية إلى المدينة الجديدة، يعمل بها بالفعل حوالي 48 ألف موظف حكومي. وفي مارس/آذار، عندما بدأ البرلمان أيضًا في توجيه اجتماعات من المدينة لبعض البنوك والشركات لنقل مقارها الرئيسية إليها، من المتوقع أن يرغب الكثيرون في الانتقال إليها.
وأضاف عباس أنه في نهاية المطاف "سيتم حكم البلاد من داخل العاصمة الجديدة".
قال إن المرحلة الأولى ستكلف حوالي 500 مليار جنيه مصري (10.6 مليار دولار). ومع ذلك، أعرب البعض عن مخاوفهم بشأن التكلفة نظرًا للركود الاقتصادي الذي تشهده البلاد ومواجهة ضغوطًا متزايدة جراء التوترات في غزة. ويشهد الاقتصاد المصري دعمًا من التمويل الدولي، بما في ذلك من البنك الدولي ، الذي أعلن يوم الاثنين أنه سيقدم لمصر أكثر من 6 مليارات دولار على مدى ثلاث سنوات.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال صندوق النقد الدولي إنه سيزيد أيضا برنامجه الإقراضي الحالي لمصر من 3 مليارات دولار إلى 8 مليارات دولار، بشرط إجراء إصلاحات اقتصادية، بما في ذلك "إطار جديد لإبطاء وتيرة الإنفاق على البنية التحتية" للمساعدة في خفض التضخم والحفاظ على استدامة الدين.
صرحت شركة العاصمة الإدارية للتنمية العمرانية بأن تطوير المدينة لن يتأثر بإعلان صندوق النقد الدولي. وفي فبراير، أعلنت الشركة فوز شركة دار العالمية للهندسة المعمارية، التي تُشارك في المرحلة الأولى من المدينة، بعقد لوضع مخطط رئيسي مُفصّل للمراحل الثانية والثالثة والرابعة من العاصمة. ومن المتوقع أن تبلغ تكلفة المرحلة الثانية من المدينة الجديدة حوالي 300 مليار جنيه مصري (6.4 مليار دولار).
القارة الوسطى
العاصمة القاهرة مكتظة بالسكان. الصورة: أمير مقار/وكالة فرانس برس/غيتي
تتمحور العاصمة الإدارية الجديدة حول منطقة مالية، حيث ستُنشئ العديد من البنوك والشركات العالمية مقرات عالمية لها. في العام الماضي، أعلن بنك أفريكسيم بنك عن نيته شراء أرض في المدينة لبناء مركز التجارة الأفريقي كمقر عالمي له. ويُوصف مركز المؤتمرات والفندق ومركز الابتكار بأنه "مجمع أعمال متكامل" للتجارة البينية الأفريقية. وقد أعلن التحالف، الذي يضم أيضًا شركات لم يُكشف عن هويتها من الإمارات العربية المتحدة وجنوب أفريقيا، عن نيته إنشاء مركز مالي في العاصمة.
يعتقد عباس أن البنية التحتية الحديثة للمدينة ستجذب الشركات. ستعمل أنظمة الذكاء الاصطناعي على تحسين استهلاك الكهرباء والغاز والمياه، بالإضافة إلى إدارة النفايات. كما ستساهم البنية التحتية للألياف الضوئية وإطلاق تقنية الجيل الخامس في تعزيز الاتصال، مع دمج خدمات أمنية متطورة، مع آلاف كاميرات المراقبة المثبتة في جميع أنحاء المدينة لمراقبة حركة المرور، والتنبيه إلى الازدحام والحوادث.
جميع الشركات العالمية الكبرى تتطلع إلى المدن الذكية والاستدامة. ونحن نسعى إلى تسهيل جميع أنواع الخدمات لتسهيل ممارسة الأعمال هنا، كما أكد.
وأعرب عباس عن أمله في أن يصبح تصميم المدينة الذكية في مصر "نموذجًا لدول أخرى في أفريقيا"، مما يساهم في التنمية الاقتصادية في المنطقة الأوسع.
في هذه الأثناء، قال نيكولاس سيمسيك أريس، رئيس قسم التاريخ والنظرية في جمعية العمارة في لندن والذي أجرى أبحاثا ميدانية واسعة النطاق في القاهرة، إن المدينة الجديدة يمكن أن تجتذب الأعمال التجارية، وخاصة "الشراكات الثنائية رفيعة المستوى" ورأس المال الأجنبي لتعزيز التنمية الاقتصادية.
ويشير إلى تاريخٍ حافلٍ لقادة مصريين بنوا فيه مدنًا تابعةً قرب القاهرة كمشاريع تحويلية. واليوم، تُعدّ هذه المدن مجتمعاتٍ مستقلةً إلى حدٍّ كبير، تُلبّي احتياجات الطبقة المتوسطة العليا، وغالبًا ما تتوافر فيها فرص عملٍ كثيرة.
ويعترف السيد سيمسيك أريس بأن القاهرة تعاني من الاكتظاظ السكاني، ولكنه يتساءل عما إذا كان بناء مدينة جديدة أمرا فعالا حقا.
وأضاف السيد سيمسيك: "لا تقتصر مشكلة ازدحام القاهرة على النمو السكاني غير المنضبط، بل تشمل أيضًا قدرة الناس على توفير معيشة كريمة في مواطنهم الأصلية. هناك الكثير من المساكن المتاحة في القاهرة، وهي صالحة تمامًا للاستخدام، ولو أنفقت الحكومة ولو جزءًا ضئيلًا من هذا الاستثمار على تحسين مدنها القائمة، لأعتقد أن مشكلة الاكتظاظ ستختفي بسرعة كبيرة".
وفي هذا الصدد، علق السيد عباس بأن البنية التحتية القديمة في القاهرة تحتاج إلى تحديث، ورغم أنه لم يقدم رقماً مباشراً عن كمية المساكن بأسعار معقولة التي ستكون متاحة، إلا أنه أكد أن المدينة الجديدة سوف تلبي احتياجات جميع شرائح المجتمع.
وأكد السيد عباس أن "تكلفة المعيشة هنا هي نفسها كما في المدينة القديمة، ولكن الفرق هو أنك تعيش في مدينة جديدة، مدينة أكثر ذكاءً".
[إعلان 2]
مصدر
تعليق (0)