أفضل موسم لتسلق جبل لونغ كونغ هو من أواخر أكتوبر إلى نهاية ديسمبر. اخترتُ يومًا جافًا وباردًا، ومنتصف نوفمبر هو أيضًا الوقت الذي تُغيّر فيه أشجار القيقب العتيقة في قمة لونغ كونغ أوراقها، مُغطاةً بطبقة ملونة من الجبال والغابات.
أوصلتني الحافلة إلى بلدة تو لي، حيث التقيتُ بحمّال محلي كان مسؤولاً عن إرشادنا في الطريق وإحضار الطعام لفريق التسلق بأكمله. من هنا، استقللنا دراجة نارية أجرة إلى قرية تو سان، على بُعد حوالي 15 كيلومترًا من مركز تو لي. كان الطريق وعرًا ووعرًا للغاية، واستغرق الوصول إليه حوالي ساعة ونصف.
كانت هذه مجرد المرحلة الأولى من رحلة عاطفية عبر منحدرات شديدة الانحدار ووعرة، على حافة جرف. كان عليّ أن أتمسك بقوة وأشدّ قبضتي لأتمسك بالسائق الذي أمامي في كل مرة أصعد وأهبط المنحدر.
أوصلتنا دراجة الأجرة النارية إلى حافة الغابة، حيث بدأنا تسلق التلال المنحدرة برفق والمزروعة بأشجار التفاح البري. ما إن عبرنا هذه السلسلة المنخفضة من التلال، حتى دخلنا إلى عالم مختلف تمامًا. فجأةً، أصبحت الغابة باردة تحت ظلال أشجار الكستناء والبلوط العتيقة.
بعد أن سلكنا المسارات التي فتحها شعب مونغ، وصلنا إلى شلال هاو تشوا لا، وهو أيضًا محطة غداء لمجموعات تسلق الجبال. في لغة مونغ: هاو تشوا تعني جرفًا، ولا تعني قردًا - وكان هذا المكان موطنًا للقرود البرية.
لم نعد نراهم هنا كثيرًا الآن ولكن لا يزال هناك بعض الحياة البرية، وخاصة الطيور.
بسرعة تسلق تعادل المشي البطيء، وصلتُ إلى ملجأ لونغ كونغ الليلي حوالي الساعة الخامسة مساءً. بالنسبة لي، يُعدّ المشي في الغابة تجربةً مقدسةً ومميزةً. تغمر أشعة الشمس الغابة، وسجادة الأوراق المتساقطة سميكةً وناعمةً، وبالنظر إلى الأعلى، يُمكنك رؤية ظلال الغابة تُشكّل أشكالًا مميزةً بألوانٍ براقةٍ عديدة.
دخلتُ الغابة بعقلٍ منفتح، وانفصلتُ تمامًا عن العالم الخارجي، وشعرتُ بأشعة الشمس ترقص على الأوراق، وأصغيتُ إلى خرير الجدول في الوادي، وشاهدتُ أوراق القيقب ترفرف عند غروب الشمس، وبعض الزهور الصغيرة الجميلة على المنحدر المهجور. كلها لحظات لا تُنسى في قلب المتنزه.
يقع ملجأ لونغ كونغ الليلي على ارتفاع ٢٤٠٠ متر، وقد بُني على أرض مستوية. تُضفي أشعة الشمس المُشرقة عبر دخان موقد المطبخ جوًا دافئًا في طقس ما بعد الظهيرة الشمالي الغربي الذي يبرد تدريجيًا. وقد خيّم غروب الشمس المُوحش على المكان.
بعد عشاء بسيط من لحم الخنزير المشوي والخضراوات المسلوقة، استمعتُ إلى أصوات الجبال والغابات، وهدير قطرات المطر على سطح الكوخ. في اليوم التالي، بدأتُ تسلق الجبل في الرابعة فجرًا.
كان الضباب كثيفًا، مما حدّ من الرؤية، ولكن عندما صعدتُ، رأيتُ بحرًا خلابًا من السحب. مررتُ عبر غابات الخيزران والقيقب العتيقة، ووصلتُ إلى سفح الجبل المفتوح، حيثُ تزخر أزهار الرودودندرون القزمة والأقحوان البري. سمح لي هذا المنظر الواسع برؤية قرية نام كو بأكملها في الأسفل، بالإضافة إلى قمم الجبال الشاهقة المحيطة بها. انغمستُ في تصوير الطبيعة وبحر السحب، ووصلتُ إلى قمة لونغ كونغ في الساعة التاسعة صباحًا.
تعليق (0)