الأمين العام تو لام يستقبل رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم. (صورة: ثونغ نهات/وكالة الأنباء الفيتنامية)
في نوفمبر 2024، اتفق الأمين العام تو لام ورئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم على إصدار بيان مشترك بشأن ترقية العلاقات بين فيتنام وماليزيا إلى شراكة استراتيجية شاملة؛ مؤكدين التزامهما بدعم بعضهما البعض على مسار التنمية في كل بلد.
لقد ساعد إنشاء هذا الإطار في إنشاء أساس واتجاه مهمين للتعاون الثنائي في الفترة الجديدة، مع أربعة ركائز رئيسية: تعزيز التعاون السياسي والدفاعي والأمني؛ وتعزيز الترابط الاقتصادي نحو التنمية المستدامة؛ وفتح التعاون في مجالات جديدة مثل التحول الرقمي، والطاقة النظيفة، والتكنولوجيا الجديدة، فضلاً عن المساعدة في تعزيز التنسيق بشأن القضايا الدولية والمتعددة الأطراف.
يفتح إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة آفاقًا جديدة من التطور بين فيتنام وماليزيا. وفي إطار تعزيز العلاقات التي يجري تعزيزها بفعالية بين البلدين، سيقوم رئيس الوزراء فام مينه تشينه وزوجته بزيارة رسمية إلى ماليزيا، في الفترة من 24 إلى 28 مايو، وسيحضران القمة السادسة والأربعين لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) والقمم ذات الصلة.
وفي هذه المناسبة، أجرى مراسلو وكالة الأنباء الفيتنامية في كوالالمبور مقابلات مع علماء ماليزيين حول العلاقة بين البلدين.
في معرض تعليقه على آفاق التعاون بين ماليزيا وفيتنام، قال البروفيسور داتوك أوانغ أزمان أوانغ باوي من جامعة مالايا إن كلا البلدين يشهدان نموًا متسارعًا ويلعبان دورًا فاعلًا في رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، مما يُرسي أساسًا متينًا لتعزيز العلاقات الثنائية. وأكد أن البلدين قادران على استغلال إمكاناتهما بفعالية في أربعة مجالات رئيسية.
أولاً، الاقتصاد البحري ومصايد الأسماك صناعات تقليدية ولكنها لا تزال تتمتع بمساحة كبيرة للتطوير.
والمجال التالي هو الطاقة الخضراء والتكنولوجيا المتجددة، حيث يمكن لماليزيا وفيتنام التعاون في تطوير مصادر الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين، مع اعتبار نقل التكنولوجيا في قلب جدول الأعمال.
علاوة على ذلك، تفتح صناعات الحلال والمعالجة الزراعية أيضًا العديد من فرص التعاون، حيث يمكن لشهادة الحلال العالمية الماليزية أن تساعد فيتنام على التوغل بشكل أعمق في الأسواق المحتملة، وخاصة منطقة الشرق الأوسط.
وأخيرا، في سياق التحول الرقمي العالمي، أصبح الاقتصاد الرقمي والأمن السيبراني مجالات واعدة، مع القدرة على جذب الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتجارة الإلكترونية والتصنيع الذكي.
لتحسين فعالية التعاون وتعميق الشراكة القائمة، اقترح البروفيسور أوانغ ثلاثة حلول محددة. أولًا، يتعين على الجانبين إنشاء فرق عمل ثنائية رفيعة المستوى مزودة بنظام واضح لمؤشرات الأداء الرئيسية (KPI) لضمان تحقيق نتائج ملموسة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن توسيع مشاركة القطاع الخاص والجامعات في برامج التعاون في مجال الابتكار من شأنه أن يسهم في خلق زخم جديد للتنمية الإبداعية.
وأخيرا، يعتبر تعزيز الاتصال في الإجراءات اللوجستية والجمركية شرطا أساسيا لتعزيز التجارة، وبالتالي زيادة حجم التجارة الثنائية بطريقة مستدامة وفعالة.
رئيس الوزراء فام مينه تشينه يتحدث هاتفيًا مع رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم. (صورة: دونغ جيانغ/وكالة الأنباء الفيتنامية)
وفقًا للأستاذ ياه كيم لينغ من جامعة صنواي، تستفيد كلٌّ من فيتنام وماليزيا من اتجاه التحول الاستثماري الذي يتبع استراتيجية "الصين +1"، حيث تسعى الشركات الدولية إلى تنويع سلاسل التوريد الخاصة بها بعيدًا عن الصين. وقد اجتذبت فيتنام استثمارات كبيرة من كلٍّ من الصين والولايات المتحدة بفضل موقعها الجغرافي الملائم، ووفرة قوتها العاملة، وبيئة الاستثمار المحسّنة باستمرار. وماليزيا ليست استثناءً من هذا الاتجاه.
أشار البروفيسور يي كيم لينغ إلى أن ماليزيا تتمتع بميزة واضحة في جذب الصناعات عالية التقنية، وخاصةً الإلكترونيات المتطورة ومراكز البيانات. ولا تقتصر ريادة ماليزيا على تطبيق الذكاء الاصطناعي فحسب، بل تُطبّق أيضًا سياسات دعم فعّالة لتعزيز تطوير الصناعات في إطار الثورة الصناعية الرابعة.
وقد بسطت الدولة السجادة الحمراء للمستثمرين من خلال تقديم حوافز جذابة، بما في ذلك البنية التحتية الجيدة، وأسعار الأراضي التنافسية، وتكاليف المرافق المنخفضة - وهي العوامل الرئيسية التي تخلق ميزة نسبية متفوقة.
أكد البروفيسور ياه كيم لينغ أيضًا أن جزءًا من نجاح ماليزيا في جذب الاستثمارات في مراكز البيانات يعود إلى "اهتمامها بصناعة أشباه الموصلات"، وهو الاهتمام الخاص الذي توليه الشركات متعددة الجنسيات، وخاصةً الشركات الأمريكية، لتطوير صناعة أشباه الموصلات هنا. وأوضح أن هذا ليس نتيجة حتمية لظروف استثمارية مواتية فحسب، بل يعكس أيضًا ثقة استراتيجية في إمكانات ماليزيا على المدى الطويل كمركز للتكنولوجيا المتقدمة في المنطقة.
في معرض حديثه عن إمكانات التعاون بين فيتنام وماليزيا، أكد البروفيسور ياه كيم لينغ على إمكانية التكامل الاقتصادي بين البلدين، بالنظر إلى الهيكل الاقتصادي الحالي ومستوى التنمية الاقتصادية. وأوضح أنه على الرغم من أن ماليزيا أصبحت الآن من دول الدخل المتوسط الأعلى، بينما لا تزال فيتنام ضمن هذه الفئة، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن الاقتصاد الفيتنامي ينمو بوتيرة متسارعة، لدرجة أن حجمه الإجمالي تجاوز نظيره الماليزي. ويُعد هذا الأمر شرطًا أساسيًا لتوسيع التعاون بين البلدين بشكل جوهري ومفيد للطرفين.
فيما يتعلق بفرص السوق، أكد البروفيسور ياه كيم لينغ على أهمية تعزيز فرص وصول البلدين إلى منتجات بعضهما البعض. ويمكن تصدير المنتجات التي تنتجها ماليزيا ولكنها لا تحظى بشعبية كبيرة في فيتنام إلى فيتنام لسدّ الفجوة السوقية، والعكس صحيح. ولا يقتصر هذا النموذج التكاملي على تحسين سلسلة التوريد الإقليمية فحسب، بل يُسهم أيضًا في توسيع نطاق التجارة الثنائية، نحو علاقة تجارية أكثر توازنًا وفعالية.
ومع ذلك، أقرّ صراحةً بأنه في بعض المجالات، قد يكون لدى البلدين منتجاتٌ تتنافس بشكلٍ مباشر. ومع ذلك، يرى أن المنافسة ليست عائقًا، بل على العكس، قوةً إيجابية. سيُسهم توفير منتجاتٍ مماثلة للسوق العالمية في تنويع خيارات المستهلكين، مع إظهار أن الطلب العالمي لا يزال كبيرًا ولم يُلبَّ بالكامل. وهذه فرصةٌ لكلا البلدين لمواصلة توسيع حصتهما السوقية، وتحسين الطاقة الإنتاجية، وترسيخ مكانتهما على الساحة الدولية.
ترأس الاجتماع وزير الصناعة والتجارة نجوين هونغ دين، ووزير الاستثمار والتجارة والصناعة الماليزي ظفرول عبد العزيز. (صورة: تران فييت/وكالة الأنباء الفيتنامية)
بالإضافة إلى المجالات الرئيسية للتعاون الاقتصادي، أشار البروفيسور ياه كيم لينغ إلى أنه لا يزال هناك مجال واسع أمام فيتنام وماليزيا للتعلم من بعضهما البعض، لا سيما في مجالات مثل السياحة والتعليم والرعاية الصحية وتطوير البنية التحتية. فهذه المجالات لا تُعدّ ركائز أساسية للتنمية الاجتماعية فحسب، بل تفتح أيضًا آفاقًا واسعة للتعاون من خلال برامج الترويج التجاري والدعم.
وأضاف أن تعزيز مثل هذه الأنشطة من شأنه أن يساعد على تحسين قدرة الشركات على الجانبين في البحث عن فرص الاستثمار وتوسيع الأسواق في البلدان الشريكة، مع تعزيز العلاقات العميقة بشكل متزايد بين مجتمعات الأعمال والصناعات في كلا البلدين.
من النقاط البارزة في تقييم البروفيسور يي كيم لينغ إمكانات التعاون في الاقتصاد الرقمي. ويعتقد أن كلاً من فيتنام وماليزيا توليان اهتمامًا خاصًا لعملية التحول الرقمي، معتبرين إياها محركًا مهمًا للتنمية الاقتصادية في العصر الجديد. ولا يقتصر الاقتصاد الرقمي على قطاعات محددة، بل يمتد تأثيره ليشمل جميع المجالات تقريبًا، من التصنيع والتجارة والمالية إلى الخدمات العامة.
إن قدرة البلدين على تبادل الخبرات والتعلم من بعضهما البعض حول سرعة وطريقة تطبيق التكنولوجيا الرقمية، فضلاً عن القدرة على التكيف مع التحديات المصاحبة لها، من شأنه أن يخلق أساسًا متينًا للتعاون الفعال بشكل متزايد.
كما أكد البروفيسور ياه كيم لينغ أن خطة الاقتصاد الرقمي لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وهي مبادرة تحظى بترويج قوي من المنطقة، ستشكل إطارًا مثاليًا لفيتنام وماليزيا لتعزيز التعاون في هذا المجال. ومن خلال الخطة المشتركة لرابطة دول جنوب شرق آسيا، لا يقتصر دور البلدين على تنسيق السياسات وتنسيق المعايير فحسب، بل سيستفيدان أيضًا من الفرص التي يتيحها الاقتصاد الرقمي لتعزيز مكانتهما في سلسلة القيمة الإقليمية والعالمية.
في تقييمه للعلاقات الفيتنامية الماليزية بشكل عام، خلص البروفيسور ياه كيم لينغ إلى أن القضية الجوهرية وطويلة الأمد تتمثل في ضرورة استمرار البلدين في التركيز على هدف النمو الاقتصادي المستدام وتعزيز القدرة على مواجهة التقلبات العالمية. وأكد أن تعزيز قوة البلدين الاقتصادية وقدرتهما على الاستجابة هو السبيل الوحيد لتوسيع وتعميق التعاون الثنائي بشكل فعال، لا سيما في مجال التجارة.
وأكد البروفيسور يي كيم لينج أن هذا ليس خيارًا استراتيجيًا فحسب، بل هو أيضًا فرصة حقيقية للبلدين لتحقيق منافع اقتصادية لبعضهما البعض، من خلال الاستفادة من نقاط القوة والقدرات التكميلية في عملية التنمية المشتركة في المنطقة.
ومع إعادة تشكيل رابطة دول جنوب شرق آسيا لدورها في سلسلة التوريد العالمية، فإن التنسيق الوثيق بين فيتنام وماليزيا سيساهم بشكل كبير في إنشاء روابط قوية ومرنة وقادرة على التكيف، وبالتالي تعزيز مكانة البلدين على الساحة الدولية.
تشرفت جامعة مالايا، إحدى أقدم وأعرق المؤسسات التعليمية في ماليزيا وجنوب شرق آسيا، بالترحيب بالأمين العام تو لام خلال زيارته الرسمية إلى ماليزيا في نوفمبر 2024. وخلال الزيارة، ألقى الأمين العام كلمة مهمة في جامعة مالايا، مؤكداً على دور التعليم في تعزيز التعاون والتفاهم المتبادل بين البلدين.
في إشارة إلى دور الجامعات مثل جامعة مالايا في تعزيز العلاقات بين الشعبين، وخاصة مع جيل الشباب، أكد كولينز تشونغ يو كيت، خبير الشؤون الخارجية والأمن والمحاضر في جامعة مالايا، أن هذا ركيزة بالغة الأهمية. وأكد أن جامعة مالايا ليست مركزًا لتدريب الموارد البشرية عالية الجودة فحسب، بل هي أيضًا مكان لإلهام وتنمية القيادة والتفكير النقدي والقدرة على التكامل العالمي للطلاب. يُمنح الطلاب هنا الاستقلالية في دراستهم ويتم تشجيعهم على التطوير الشامل، بحيث يمكنهم عند تخرجهم حمل سمعة الجامعة وعلامتها التجارية وروحها على نطاق واسع، ليس فقط داخل البلاد ولكن أيضًا على الساحة الدولية.
في إطار تعزيز العلاقات الشعبية بين فيتنام وماليزيا، نفذت جامعة مالايا العديد من البرامج العملية والمتنوعة. وأصبحت برامج التبادل الطلابي، والتبادلات الثقافية، والتعاون الأكاديمي على مستوى الأساتذة والطلاب، بمثابة جسور فعّالة تُمكّن الأجيال الشابة من البلدين من فهم بعضهما البعض بشكل أعمق، وتبادل المعرفة والقيم والتطلعات المشتركة لمستقبل إقليمي مزدهر ومستدام. ولا تقتصر هذه الجهود على ترسيخ أسس العلاقات الثنائية فحسب، بل تفتح أيضًا آفاقًا جديدة للتعاون التعليمي، الذي يُعدّ أحد القوى الدافعة المستدامة للتنمية المشتركة لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان).
ترأس الاجتماع وزير الصناعة والتجارة نجوين هونغ دين، ووزير الاستثمار والتجارة والصناعة الماليزي ظفرول عبد العزيز. (صورة: تران فييت/وكالة الأنباء الفيتنامية)
تؤمن جامعة مالايا إيمانًا راسخًا بأن تعزيز الشراكة بين فيتنام وماليزيا لا ينبغي أن يقتصر على القنوات الرسمية بين الحكومتين، بل ينبغي توسيعه وتنميته بعمق على المستوى المجتمعي. ووفقًا لجامعة مالايا، تُشكل الروابط الشعبية - حيث يتم التبادل الثقافي والتفاهم التاريخي والتطلعات المشتركة - أساسًا متينًا لتعاون طويل الأمد ومستدام.
وفي هذا السياق، يلعب التعليم، وخاصة التعليم العالي، دوراً كركيزة ذات تأثير قوي، مما يخلق الظروف لتطور العلاقة بين البلدين بشكل عميق.
تأمل جامعة مالايا في استقطاب المزيد من الطلاب الفيتناميين للتبادل والدراسة في ماليزيا، ليس فقط للحصول على تعليم عالي الجودة، بل أيضًا لتجربة الثقافة المحلية، وتعزيز الروابط بين الأجيال الشابة في البلدين. وفي المقابل، تسعى الجامعة جاهدةً لمساعدة الطلاب الماليزيين على اكتساب فهم وتقدير أعمق للخصائص الفريدة لثقافة ولغة دول رابطة دول جنوب شرق آسيا، بما فيها فيتنام. وبفضل قسم اللغات وبرامج التدريب المنظمة جيدًا، فإن جامعة مالايا على أهبة الاستعداد لتكون جسرًا للتبادل الثقافي، مساهمةً في بناء مجتمع آسيان موحد ومتنوع.
تؤمن المدرسة بأن الطلاب - الشباب الذين هم وسيظلون جزءًا من القوى العاملة المستقبلية - هم العامل الرئيسي الذي يُسهم في تنمية البلاد والمنطقة. فهم لا يحملون تطلعات شخصية فحسب، بل يحملون أيضًا على عاتقهم مهمة المساهمة في التقدم المشترك.
ومن خلال برامج التعاون بين جامعة مالايا والشركاء التعليميين في فيتنام، سيتم مواصلة رعاية وتعزيز إمكانات الطلاب من كلا البلدين، مما يساهم في بناء جيل من المواطنين العالميين المليئين بالشجاعة والمعرفة والمسؤولية.
(وكالة أنباء فيتنام/فيتنام+)
المصدر: https://www.vietnamplus.vn/quan-he-doi-tac-moi-mo-ra-ky-nguyen-phat-trien-moi-viet-nam-malaysia-post1040359.vnp
تعليق (0)