أقام سكان مدينة سايغون مظاهرة للترحيب بتأسيس لجنة الإدارة العسكرية للمدينة في 7 مايو/أيار 1975. (تصوير: لام هونغ لونغ/وكالة الأنباء الفيتنامية)
كان انتصار 30 أبريل 1975 علامة فارقة في تاريخ الشعب الفيتنامي، إذ توحدت البلاد وتحققت رغبة الرئيس هو تشي منه ، وأفكاره العميقة وتأكيداته: "فيتنام واحدة، والشعب الفيتنامي واحد. قد تجف الأنهار، وقد تتآكل الجبال، لكن هذه الحقيقة لن تتغير أبدًا".
وبمناسبة الذكرى الخمسين لإعادة توحيد البلاد، وفي مقابلة مع مراسل وكالة الأنباء الفنزويلية في هافانا، أكد مراسل الحرب الكوبي لويس أرسي، الذي كان له شرف أن يشهد اللحظات الأولى من هذا النصر المجيد، أن هذا يعد أحد المعالم المهمة في التاريخ المعاصر.
وأكد أن هذا النصر له أهمية تتجاوز المكان والزمان، لأنه في 30 أبريل 1975، أظهر الشعب الفيتنامي بوضوح أن الإمبراطوريات، مهما كانت مسلحة بشكل جيد، ومهما تقدمت تكنولوجيتها العسكرية ، ومهما كان نفوذها الدولي قوياً، لا يمكنها هزيمة أمة وطنية.
وبحسب لويس آرسي، فإن هذا النصر، أي النصر العسكري لشعب كان في معظمه من الفلاحين، كان متناقضاً مع هزيمة أقوى إمبراطورية في العالم، لأنه لم يتم كسر غطرسة الإمبراطورية فحسب، بل انتصر أيضاً تاريخ وثقافة شعب لم يستطع أي شيء أو أحد إخضاعه.
عبّر الصحفي لويس آرسي عن سعادته البالغة بالحديث عن إنجازٍ مجيدٍ تحقق قبل خمسين عامًا وسيبقى خالدًا، ألا وهو قضية إعادة التوحيد الوطني، الحلم الكبير للرئيس هو تشي منه. ورغم أنه لم يشهد ذلك بنفسه ليستمتع بتلك اللحظة العظيمة، إلا أننا نعلم أنه كان على يقينٍ دائم، حتى آخر لحظة من حياته، بأن هذا سيتحقق بفضل شجاعة الشعب الفيتنامي والثقافة العريقة التي صنعت هذه الأمة متعددة الأعراق.
لقد كان للسيد لويس آرسي الشرف العظيم بأن يكون شاهداً على جزء من هذا التوحيد، ولهذا السبب، فهو ممتن للغاية للمقابلة التي أجرتها وكالة الأنباء الفيتنامية وكذلك للاهتمام بشاهد غير فيتنامي ليروي تلك الأيام المجيدة وما ميز حياته إلى الأبد.
أكد السيد لويس آرسي أن: "التفكير السياسي والاستراتيجي للرئيس هو تشي منه كان شاملاً، وذا رؤية استثنائية لا يمتلكها إلا رجال عظماء مثله. لقد أدرك حاضر اليوم مبكرًا، عندما أعلن أن الشعب سيهزم الغزاة الأجانب ويبني بلدًا أجمل بعشر مرات".
وبحسب السيد لويس آرسي، فإن قوله، على الرغم من أن كلامه كان مليئا بالرومانسية الثورية وحب الوطن، إلا أنه تجاوز تلك المشاعر لأنه عبر عن إصرار ثابت على الفوز وتحقيق الوحدة الوطنية.
قال لويس آرسي: "كنتُ هناك لأشهد اللحظة التي بكى فيها أقاربٌ لم يلتقوا وجهًا لوجه لعقدين أو ثلاثة أو حتى أربعة عقود من الفرح". وأضاف: "كانت تلك لحظاتٍ من المشاعر لا تُوصف، كسرت كل الصور النمطية، وأثبتت أن فيتنام أمة واحدة لا تتجزأ، كما أكد العم هو، على عكس الادعاءات الكاذبة التي روّجت لها الصحافة الأمريكية آنذاك بأن فيتنام أمتان مختلفتان".
وبحسب الصحفي لويس آرسي، فإن الوحدة الوطنية كانت مفتاح النصر قبل نصف قرن من الزمان، ولا تزال كذلك في المعارك الجديدة منذ ذلك اليوم التاريخي من الثلاثين من أبريل، ولكن هذه المرة لتحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المثيرة للإعجاب، مع بناء قاعدة صناعية وعلمية وتقنية حديثة، ورفع فيتنام إلى المستوى الدولي، والريادة في الرعاية الاجتماعية وتلبية الاحتياجات المادية والروحية للشعب.
أقام سكان مدينة سايغون مظاهرة للترحيب بتأسيس لجنة الإدارة العسكرية للمدينة في 7 مايو 1975. (الصورة: Minh Loc/VNA)
قال الصحفي لويس آرسي إن الحروب، وخاصةً حروب العدوان، كتلك التي شهدتها فيتنام، لا تترك جروحًا مفتوحة يصعب التئامها فحسب، بل تُخلّف أيضًا دروسًا كثيرة تُساعدنا على رؤية العصر الجديد من منظور مختلف. لقد دخلت فيتنام العصر الجديد منذ نصف قرن، وفي فترة زمنية قصيرة، حققت انتصارات اقتصادية ومؤسسية في جميع مجالات المعرفة والإبداع، بفضل تطبيق ما يُطلق عليه بعض المنظرين "تأريخ الزمن". أي أن البلاد والشعب والقادة، والفاعلين في جميع العمليات الاجتماعية، لا يحيدون عن مسار المبادئ الراسخة التي تُولّد "الشعور الوطني".
في العصر الجديد، لم تعد الصورة الأيقونية لفيتنام هي النساء اللواتي يرتدين سراويل حريرية سوداء، أو آو با با، بقبعاتها المخروطية التي تكشف عن شعر أسود، أو الأطفال الذين يمتطون ظهور الجاموس، أو الجنود الذين يحملون بنادقهم على أكتافهم، وأقدامهم الحافيّة على أرض مقدسة، بنعال مطاطية كرّمها الرئيس هو تشي منه كجزء من الهوية الوطنية. لكن هذه الصور والصفات لا تزال محفوظة في الروح والقلب، تُشكّل الشعب الفيتنامي، تمامًا كما كان العم هو، وسيظل دائمًا، نجوين آي كووك (الوطني).
لقد ترك النصر التاريخي في 30 أبريل 1975 العديد من الدروس القيمة، بما في ذلك روح الاعتماد على الذات، وتحسين الذات، والسعي الدائم في كل الظروف الصعبة.
يؤكد الصحفي لويس آرسي أنه في سياق التكامل العالمي الحالي، تُعدّ فيتنام مثالاً يُحتذى به في إمكانية تحقيق التكامل العالمي، إذ حققت ذلك في وقت قياسي بعد حرب طويلة ألحقت أضرارًا بالغة بقواها الإنتاجية. وقد عززت فيتنام عناصر السلام للتغلب على الركود الاقتصادي والوصول إلى قمة "هرم" السعادة الشخصية وتلبية الاحتياجات الأساسية.
أكد الصحفي لويس آرسي أن فيتنام وشعبها يتمتعان بالهيبة والروح للنهوض من رماد الحرب مثل "العنقاء"، لإخبار العالم أن التكامل العالمي هو الطريق إلى التنمية، وأن المنافسة الاقتصادية ليست عدوانًا بل أداة تعاون لضمان السلام العالمي ورفاهية البشرية.
(فيتنام+)
المصدر: https://www.vietnamplus.vn/phong-vien-cuba-chien-thang-304-la-cot-moc-quan-trong-trong-lich-su-duong-dai-post1027237.vnp
تعليق (0)