توفيت حماتي سريعًا، حتى الآن، بعد مرور أكثر من عشر سنوات، ما زلنا نشعر أحيانًا أنها لم ترحل. إنها فقط تزور أختها أو عمها، وتقيم لبضعة أيام ثم تعود.
الرسم التوضيحي: دانج هونغ كوان
كان المنزل يضم ثلاثة أشخاص فقط، فغياب أحدهم كان بمثابة ضياع وفراغ. استغرقنا وقتًا طويلًا لنعتاد على غياب والدتنا. لم يكن هناك أحدٌ منحني الظهر يختبئ بين الحين والآخر. كانت الشرفة الأمامية خاليةً كل عصر صيف، ودراجات الجيران النارية متوقفة بالقرب منها.
لأنه لم يكن هناك أحد يجلس حولنا، يستمتع بنسيم بارد تحت ظلّ حظيرتين مقوستين. لم يكن على طاولة الطعام سوى مقعدين متقابلين. لم يعد الكرسي في المنتصف موجودًا، فأخذ زوجي كرسيًا آخر ووضعه بجانبه ليشكلا ثنائيًا. وقلتُ فجأةً: "لا بد أن أمي وأبي قد التقيا". كنتُ أفكر في ذلك وأقوله، ولكن في كثير من الأحيان أثناء تناول الطعام، كان الزوج والزوجة يُصابان بالذهول.
لقد تحوّل شرود ذهني الأولي بسبب افتقادي لأمي مع مرور الوقت إلى ندم صامت. ففي الليالي التي لا أنام فيها، وفي ساعات متأخرة من الليل، ما زلت أسمع أمي تسحب الباب الزجاجي وتغلقه.
لم يكن صوت القفل وهو يُدار بأيدٍ ضعيفةٍ قويةٍ حاسمًا أو واثقًا. أحيانًا، كنت أسمع أمي تُمزّق التقويم، وتُقرّق بقدميها، وتُدندن ببعض الأغاني المألوفة...
لقد مرّ شهران تقريبًا على موسم الأمطار، حاملًا معه عواصف وفيضانات ومنخفضات جوية. المطر يزيدني شوقًا لأمي. أفتقد وجودها في مساحة منزلي الصغيرة. أفتقد رائحة الزيت الذي كانت أمي تستخدمه عندما يبرد الجو هكذا.
حماتي مولعة بتناول الأدوية واستخدام الزيوت. إنها تحب جميع أنواع الأدوية. كلما اشترى لها زوجي دواءً، تدقق فيه جيدًا، وتقرأ كل كلمة في التعليمات مرارًا وتكرارًا. أما الزيوت، فلديها الكثير منها. عادةً ما تستخدم زيت النسر الأخضر العطري، ثم تضيف إليه زيتًا ساخنًا، وزيتًا لعلاج آلام العظام والمفاصل...
هناك أنواعٌ واستخداماتٌ متعددة. ناهيك عن أن أمي تتذكر جميع أسماء الأشخاص الذين أهدوني إياها. كانت زجاجة الزيت هذه من عمي الذي سافر إلى تايلاند، ثم أعادتْها أخت زوجي، وأهدتني عمتي في تشو غوم علبة الزيت تلك...
كان لديها الكثير من الزيت، لكنها عرفت فورًا عندما فقدت علبة. استعارها أحد الجيران وتجاهلها، لكنها أصرت على مضايقتها حتى أعادتها. أخبرتك، كانت مدمنة على الأدوية والزيت. كانت تستخدم الزيت طوال العام، وكثيرًا ما كانت تستخدمه ليلًا، عندما يتغير الطقس وتهطل الأمطار. كانت رائحة الزيت تملأ المنزل، سواء في غرفة المعيشة أو المطبخ أو الطابق العلوي. كانت رائحة قوية ونفاذة، تُشعرها أحيانًا بعدم الارتياح.
ولهذا السبب، فليس من غير المعتاد بالنسبة لي ولأخيّ الأصغرين أن نتذمر: "أمي، لا عجب أنك دائمًا بطيئة جدًا".
لحسن الحظ، أمراض والدتي شائعة جدًا. نزلات برد خفيفة، التهاب اللثة بسبب أطقم الأسنان، آلام الظهر، آلام العظام...
كانت آخر مرة عانت فيها من ألم شديد في غيبوبة قصيرة ثم توفيت. أحبت أمي أبناءها وأحفادها، وكانت تخشى أن تُصاب بالشلل، وأن يُسبب مرضها معاناةً لجميع أفراد الأسرة.
رحلت أمي، لكن يبدو أن رائحتها لا تزال عالقة في ذاكرتي. تفوح في الأيام الجافة المشمسة، حارة وكثيفة، كلما تغير الطقس وهطل المطر. في تلك اللحظات، أدرك فجأة أن هذا المنزل الدافئ قد أصبح دافئًا فجأة.
وفجأة شعرت بالدفء وفكرت في نفسي: "لا يزال هناك ثلاثة أشخاص في منزلي".
[إعلان 2]
المصدر: https://tuoitre.vn/mua-cay-nong-mui-dau-ma-xuc-20241124103110627.htm
تعليق (0)