بفضل لقطاته الواقعية والمؤثرة، نال فيلم "جدتي، أمي، أخواتي" إعجاب الجمهور ولجنة التحكيم، مما ساعده على الفوز بالجائزة "أ" ضمن جوائز الصحافة الوطنية للمساواة بين الجنسين لعام ٢٠٢٤. ويُعدّ هذا نجاحًا مستحقًا لجهود المخرجة ثوي آنه وفريق عمل مركز الأفلام الوثائقية في تلفزيون فيتنام.
المخرجة ثوي آنه (بالزي الأزرق) في حفل توزيع جوائز الصحافة الوطنية للمساواة بين الجنسين لعام ٢٠٢٤. (الصورة: VTV)
نور الذاكرة
صوت الفنان الشعبي هوانغ كوك الدافئ وعيناه الثاقبتان كمفتاح يفتح أبواب الزمن، ويعيد الجمهور إلى أيام مجد نجم المسرح. كل قصة ترويها، وكل ذكرى تشاركها، كفيلم متألق يتلألأ في سماء الذكريات.
تُعجب الكثيرات بنجاحات الفنانات الباهرة، لكن إلى جانب ذلك، يُشكّل الألم والفقدان، بالإضافة إلى الألوان الباردة، صورةً كاملةً وحقيقيةً للحياة. ورغم كل ما مرّت به من صعودٍ وهبوط، تبقى روح الفنانة في داخلها دائمًا متواضعةً ومتفائلةً. شعلة شغف الفنّ تشتعل دائمًا، مُنيرةً الطريقَ أمامها.
الفنان الشعبي هوانغ كوك.
من خلال قصتها، ألهمت الفنانة الشعبية هوانغ كوك أجيالاً عديدة من الفنانين، مؤكدة أن الفن ليس مجرد متعة بل هو أيضاً رحلة اكتشاف الذات والحياة.
قالت الكاتبة ثوي آنه: "لطالما رغبتُ في تجسيد أكثر العناصر أصالةً في الفيلم بأرقّ حللها. تسللت أشعة الشمس الصباحية اللطيفة عبر النافذة، مُغطِّيةً وجه الفنان الشعبي هوانغ كوك بهالة دافئة.
بدت عيناها، العميقتان والممتلئتان، تتألقان بنورٍ ساطع، تعكسان روحًا مفعمةً بالشغف. صُمم كل مشهد في الفيلم بدقة متناهية، من زاوية الكاميرا إلى الإضاءة والألوان، لخلق تجربة بصرية مؤثرة للجمهور. أردنا ألا يقتصر الجمهور على مشاهدة الفيلم فحسب، بل أن يشعر أيضًا بمشاعر الشخصيات، كما لو كانوا يعيشونها.
رحلة العودة من ساحة المعركة
بعد سنوات من الحرب، عادت المقاتلة المخضرمة باو هين إلى الحياة المدنية، مصابةً بجروحٍ في جسدها وروحها. لكنها لم تستسلم. بعزيمةٍ استثنائية، تغلبت على الصعوبات تدريجيًا وأعادت بناء حياتها. كبذرةٍ زُرعت في أرضٍ قاحلة، بذلت جهودًا دؤوبةً لتنبت وتنمو، لتصبح سيدة أعمال ناجحة.
المخضرم باو هين.
قصتها بمثابة منارةٍ للأرواح الشابة، وخاصةً لمن عانوا الفقد والألم. إنها تحمل رسالةً عن إرادة الحياة والإيمان بالمستقبل. صورتها، بعينيها المتألقتين بالصمود والعزيمة، أصبحت مصدر إلهامٍ لا ينضب لأجيالٍ عديدة.
لإنتاج هذا الفيلم الوثائقي، أمضى فريق مركز الأفلام الوثائقية شهرًا في السفر إلى المواقع التالية: هانوي ، هاي دونغ، ها نام، وين باي. خلال عملية التصوير، شكّلت الأحوال الجوية والانهيارات الأرضية التي أعقبت العاصفة العديد من العقبات أمام الفريق...
"ولكن هذه ليست الصعوبة الأكبر"، كما قالت الصحفية ثوي آنه.
تؤمن الكاتبة بأهمية إيجاد فلسفة للحياة، ودروس مستفادة، وتوجيهات سديدة، ورسائل بسيطة لرحلات الشخصيات. خلال عملية إنتاج الفيلم، أدركت المخرجة أن الخير ينبع من القلب لا من الأشياء العظيمة. قالت ثوي آنه: "من منظور مراقب، وخاصةً كمخرجة أفلام، أجد نفسي مضطرة لاكتشاف الرسائل الخفية وراء رحلاتهم".
حلم فتاة همونغ
سونغ ثي سو، فتاة صغيرة من الهمونغ، لديها حلم كبير: الالتحاق بالمدرسة وتعلم القراءة والكتابة. في مجتمع تُقيّد فيه الأعراف والتقاليد الفتيات، يُعدّ السعي وراء هذا الحلم رحلةً شائكةً بالنسبة لسو. بعد أن وقعت في دوامة البحث عن زوجة ثلاث مرات، لم تستسلم سو قط. بإرادةٍ صلبة، نهضت الفتاة الصغيرة، مخترقةً الحواجز للوصول إلى قاعة المحاضرات الجامعية.
قالت المخرجة ثوي آنه إن طفولتها شهدت عنفًا منزليًا وضربًا لاذعًا تعرضت له والدتها. شاركت سيستر حلمها بأن تصبح محامية لحماية نساء مثل والدتها، الأمر الذي أثر فيها وفي فريق العمل بشكل كبير. لم تُغير سيستر مصيرها فحسب، بل أصبحت أيضًا رمزًا للنهضة والرغبة في الحرية والمساواة بين الجنسين.
سونغ ثي سو.
للحصول على لقطات حقيقية ومؤثرة لسونغ ثي سو، كان على طاقم التصوير العمل بحساسية عالية. وكما يفعل المصورون الصحفيون، تابعوا كل خطوة من خطوات سو، ملتقطين أكثر اللحظات أصالة وحيوية. احتوى كل لقطة على قصص ومشاعر، وأصبحت جزءًا لا غنى عنه في رسم صورة متكاملة لحياة هذه الفتاة الصغيرة.
قالت ثوي آنه: كتابة سيناريو "جدتي، أمي، أخواتي" كانت بمثابة حياكة نسيج ملون. كل شخصية خيط منفصل، ولكن كيف ننسجها في صورة متكاملة دون أن نفقد جمال كل خيط؟ كان ذلك تحديًا كبيرًا.
كل شخصية هي قطعة مستقلة، تحمل قصة فريدة. لو سردنا كل قصة على حدة، لكان الفيلم مفككًا ومفتقرًا إلى الترابط. أريد أن أرسم صورة متكاملة، تعكس الجوانب المتنوعة لحياة المرأة الفيتنامية، كما قالت.
اخترتُ بعض الأبيات من "ملحمة كوك" للفنان الشعبي هوانغ كوك لتكون جسرًا. هذه الأبيات أشبه بخيوط خفية تربط الماضي بالحاضر، خالقةً دورة حياة. أعتقد أنه بهذه الطريقة، سيشعر الجمهور بسهولة بالتقاطع بين الأجيال، وبين المصائر المختلفة، ولكن جميعها تتجه نحو قيمة مشتركة: إرادة الحياة، والتطلع إلى النهوض. "، قالت المخرجة ثوي آنه.
من فضلك حافظ على الابتسامة
للحفاظ على الحب من التلاشي في الحزن
يغني الطائر كل صباح عندما يستيقظ
هناك حب نرسله لبعضنا البعض.
(مقتطف من أغنية الأقحوان الطويلة)
هوانغ آنه
تعليق (0)